مؤتمر الامم المتحدة في نيس الفرنسية يبحث للتهديدات المتزايدة للمحيطات، بما فيها انهيار المخزونات السمكية، والاستهلاك المفرط والصيد غير المشروع والتلوث


بروكسل ـ نيس : اوروبا والعرب 
قال الأمين للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إن المحيط هو المورد المشترك الأسمى، "لكننا نخذله"، داعيا إلى دمج أولويات المحيطات في أنظمة المناخ والغذاء والتمويل المستدام، "لأنه بدون محيط سليم، لا يمكن أن يكون هناك كوكب سليم".
جاء ذلك في كلمة ألقاها غوتيريش، امس الاثنين، في افتتاح مؤتمر الأمم المتحدة للمحيط الذي تحتضنه مدينة نيس الفرنسية وتنظمه كل من فرنسا وكوستاريكا، ويستمر حتى 13 حزيران/يونيو 2025.
وقدم الأمين العام تفصيلا للتهديدات المتزايدة للمحيطات، بما فيها انهيار المخزونات السمكية، والاستهلاك المفرط والصيد غير المشروع الذي يدفع الحياة البحرية نحو الهاوية، و23 مليون طن من النفايات البلاستيكية التي تدخل المياه سنويا، وتلوث الكربون الذي يُسبب حموضة مياه المحيطات، والحرارة القاتلة. بحسب مانقلت نشرة الاخبار اليومية للامم المتحدة 
وحذر كذلك من أن "ارتفاع منسوب مياه البحار يغمر أراضي الدلتا، ويدمر المحاصيل، ويبتلع السواحل، ويهدد بقاء العديد من الجزر". وأضاف أن هذه "أعراض نظام مأزوم"، وهي تتغذى على بعضها البعض.
وسلط الأمين العام الضوء على تزايد انعدام الأمن، ليس فقط بسبب قوى طبيعية، بل أيضا بسبب قوى إجرامية، مضيفا: "القرصنة والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر ونهب الموارد الطبيعية تهدد حياة الناس وتقوض التنمية وتحرم المجتمعات الساحلية من حقوقها".
وتحدث أمين عام الأمم المتحدة عن التقدم الذي تم إحرازه منذ مؤتمر المحيط السابق في لشبونة، مشيرا إلى إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، والاتفاق التاريخي بشأن التنوع البيولوجي البحري للمناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية.
وقال غوتيريش: "هذا يُثبت فعالية التعددية، ولكن فقط إذا اقترنت الأقوال بالأفعال، من خلال خطط وطنية ملموسة تتماشى مع الأهداف العالمية، ومن خلال تمكين الصيادين والشعوب الأصلية والعلماء والشباب".
وأشار إلى أن الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة وهو "الحياة تحت الماء"، لا يزال من أقل أهداف التنمية المستدامة تمويلا، مشددا على أنه "يجب أن يتغير هذا الوضع، من خلال زيادة التمويل العام، ودعم أكبر من بنوك التنمية، ونماذج جريئة لإطلاق العنان لرأس المال الخاص"، داعيا جميع الدول إلى تقديم تعهدات جريئة.
أمل في تغيير المسار
دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى "تعزيز الأمن البحري باعتباره ركيزة أساسية للتنمية المستدامة". وأشار إلى أن الدول تخوض أيضا غمارا جديدا في مجال التعدين في قاع البحار، مضيفا أنه يدعم العمل المستمر للهيئة الدولية لقاع البحار بشأن هذه القضية المهمة. وقال الأمين العام إن هناك فرصة لاستعادة الوفرة البحرية، مضيفا: "ما فُقد في جيل واحد، يمكن أن يعود في جيل آخر".
وأعرب عن أمله في "أن نتمكن من تغيير مسار الأمور، وأن نتمكن من الانتقال من النهب إلى الحماية، ومن الإقصاء إلى الإنصاف، ومن الاستغلال قصير الأمد إلى رعاية طويلة الأجل".
إعلان السلام مع المحيط
شارك أكثر من 50 رئيس دولة وحكومة في حفل الافتتاح، بمن فيهم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في استعراض للقوة السياسية يؤكد على أهمية القمة. وفي المجمل، تشارك أكثر من 120 دولة في هذا التجمع الذي يستمر خمسة أيام.
ووجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تشارك بلاده في استضافة القمة إلى جانب كوستاريكا، دعوة قوية للعلم والقانون والعزم متعدد الأطراف.
وقال في كلمته: "غرينلاند ليست للبيع، تماما كما أن القارة القطبية الجنوبية أو أعالي البحار ليست للبيع"، مضيفا أنه "إذا كانت درجة حرارة الأرض ترتفع، فإن المحيط يغلي".
وشدد على أنه لا يمكن ترك مصير البحار للأسواق أو للرأي العام، قائلا: "لذلك، فإن الاستجابة الأولى هي التعددية. المناخ، كما التنوع البيولوجي، ليس مسألة رأي، بل هو مسألة حقائق علمية مثبتة".
ثم تحدث رئيس كوستاريكا، رودريغو تشافيس روبلز حيث شكر أمين عام الأمم المتحدة على إبرازه أهمية المحيط على جدول الأعمال العالمي، ثم انتقل إلى تحذير صارخ، قائلا: "المحيط يتحدث إلينا بشعاب مرجانية مبيضة، وعواصف، وأشجار مانغروف مجروحة. لم يعد هناك وقت للخطابات. الآن هو وقت العمل".
وأدان تشافيس عقودا من التعامل مع المحيط على أنه "مخزن لا نهائي ومكب نفايات عالمي"، وحث على التحول من الاستغلال إلى الاعتناء بالمحيط. وقال: "كوستاريكا بلد صغير، لكن هذا التغيير قد بدأ. نحن الآن نعلن السلام مع المحيط".
ودعا إلى وقف مؤقت للتعدين في أعماق البحار في المياه الدولية حتى يتمكن العلم من تقييم المخاطر بشكل كافٍ، وهو موقف تدعمه بالفعل 33 دولة، كما أشار.
اتفاقات عالمية وتعهدات جديدة
يعد أحد الأهداف الأساسية للقمة هو المساعدة في تنفيذ معاهدة أعالي البحار التاريخية التي اعتُمدت عام 2023 لحماية الحياة في المياه الدولية. وتتطلب المعاهدة ستين تصديقا لتصبح قانونا دوليا مُلزما. وأعلن الرئيس الفرنسي أن هذا الإنجاز أصبح في متناول اليد.
وقال: "بالإضافة إلى حوالي 50 تصديقا قُدِمت هنا خلال الساعات القليلة الماضية، التزمت 15 دولة رسميا بالانضمام إليها. هذا يعني أنه تم التوصل إلى الاتفاق السياسي، الذي يسمح لنا بالقول إن هذه المعاهدة ستُنفَذ بشكل صحيح". وأضاف الرئيس الفرنسي أنه سواء تم تجاوز العتبة القانونية هذا الأسبوع أو بعده بقليل، "فإنه انتصار".

مشاركة الخبر

الأخبار المتعلقة

تعليقات

لا يوجد تعليقات