
الهجرة غير الشرعية : الأمن البلجيكي يعثر على 15 مهاجرًا داخل شاحنة تبريد لا تتجاوز حرارتها الدرجتين.. بريطانيا: سياسات الهجرة المشددة تهدد ضحايا العبودية الحديثة وتعرقل مكافحة الاتجار بالبشر
- Europe and Arabs
- السبت , 8 فبراير 2025 9:27 ص GMT
بروكسل ـ لندن : اوروبا والعرب ـ وكالات
داخل شاحنة تبريد توقفت في مدينة تورناي البلجيكية، كان 15 مهاجرًا، بينهم قاصرون وامرأة حامل، يكافحون للبقاء على قيد الحياة بعد أن أمضوا 24 ساعة في درجة حرارة متدنية لم تتجاوز الدرجتين. لم يكن أحد على علم بمأساتهم، إلى أن كشف صوت خافت من الداخل وجودهم، ليتم العثور عليهم وإنقاذهم في الوقت المناسب.
وبحسب مانقلت شبكة الاخبار الاوروبية في بروكسل " يورونيوز| صباح السبت " ما إن ورد البلاغ إلى مركز الطوارئ مساء الخميس، حتى هرعت فرق الإسعاف في مقاطعة والونيا بيكارد إلى المكان، حيث تم نقل المرأة الحامل على الفور إلى المستشفى، بينما قدمت الرعاية الطبية اللازمة للمهاجرين الآخرين الذين كانوا يعانون من الإرهاق وانخفاض في حرارة أجسادهم.
"إنها مأساة إنسانية قبل كل شيء"، قال دومينيك ديبراوير، قائد منطقة شرطة تورناي، مضيفًا: "أن يبقى هؤلاء الأشخاص داخل شاحنة تبريد لمدة 24 ساعة على الأقل هو أمر يفوق الخيال، ولولا تم العثور عليهم في الوقت المناسب، لكانت النتيجة مأساوية." وأوضح أن السلطات تعاملت معهم بكل إنسانية، حيث تم تأمين المأوى لهم، وتقديم الطعام والملابس الدافئة.
وأشار ديبراوير إلى أن المنطقة التي عُثر فيها على المهاجرين تُعرف بأنها نقطة يستخدمها المهربون لنقل المهاجرين باتجاه المملكة المتحدة، مستغلين موقعها القريب من الطريق السريع ومحطة القطارات، إضافة إلى الممرات المخفية التي تسهل الاختباء والوصول إلى الشاحنات المتجهة نحو القناة الإنجليزية.
لم تسجل أي اعتقالات حتى الآن، فيما تستعد السلطات لاستجواب المهاجرين بمساعدة مترجمين للكشف عن تفاصيل رحلتهم. ويبقى مصيرهم رهن قرار مكتب الهجرة، الذي سيحدد الخطوات المقبلة بشأن وضعهم.
أما سائق الشاحنة، فقد أكد للشرطة أنه لم يكن على علم بوجود ركاب غير شرعيين على متنها، موضحًا أنه كان يقودها من إيطاليا إلى إنجلترا عندما تعطلت مركبته في منطقة خدمة فروينز. وعند سماعه أصواتًا غريبة من صندوق الشاحنة، أبلغ مدير المرآب الذي بدوره اتصل بالشرطة.
ووفقًا لمصادر أمنية، يُعتقد أن المهاجرين ينحدرون من إريتريا وإثيوبيا، لكن لم يتم التأكد من جنسياتهم بعد. ومع استمرار تدفق المهاجرين عبر هذه الطرق، يظل السؤال معلقًا حول عدد المآسي التي قد تحدث قبل أن يتم إيجاد حلول أكثر أمانًا وإنسانية.
وفي لندن وفي ظل تشديد سياسات الهجرة في المملكة المتحدة، يتعرض آلاف ضحايا العبودية الحديثة لخطر الحرمان من الدعم والحماية، وفقًا لتقارير أكثر من عشرة مصادر متخصصة.
يأتي هذا التحول في وقت تتزايد فيه أعداد ضحايا الاتجار بالبشر، رغم أن بريطانيا اتخذت خطوات مهمة عام 2015 بإقرار قانون مكافحة العبودية، الذي كان يُعدّ من أبرز التشريعات العالمية في العالم بهذا الخصوص.
فقد ألزم القانون الشركات الكبرى بمراقبة سلاسل التوريد لضمان خلوها من ممارسات العبودية، كما عزز الحماية القانونية للضحايا.
التشديد في القوانين يفاقم معاناة الضحايا
وفقًا لتقارير حكومية وتوثيقات من الجمعيات الخيرية، أدى التشديد في قوانين الهجرة إلى حرمان العديد من الضحايا من الحصول على الدعم الذي كانوا في أمس الحاجة إليه.
لكن مع مرور الوقت، وخصوصًا بعد أن فرضت الحكومة البريطانية في عام 2023 قوانين أكثر صرامة للحد من توافد المهاجرين غير الشرعيين، أصبح التركيز على معالجة أزمة الهجرة عبر القوارب الصغيرة، مما أدى إلى تراجع التدابير المخصصة لحماية ضحايا العبودية الحديثة.
في عام 2023، ارتفعت نسبة رفض طلبات دعم ضحايا العبودية الحديثة إلى 45% مقارنة بـ 11% في العام الذي قبله، حيث أصبح على الضحايا الآن تقديم أدلة أكثر تفصيلًا لإثبات استغلالهم.
وقد وصلت هذه النسبة إلى 46% في الأشهر التسعة الأولى لعام 2024. فبحسب تقرير رسمي، حددت وزارة الداخلية البريطانية نحو 17,000 شخص كضحايا محتملين للعبودية في 2023، كان معظمهم من المهاجرين، تم جلبهم للعمل في صالونات التجميل أو مغاسل السيارات أو في مجالات الدعارة وتجارة المخدرات.
لكن هذه الأرقام قد لا تمثل سوى قمة جبل الجليد. ففي تقرير صادر عن لجنة مجلس اللوردات في أكتوبر الماضي، قُدِّر عدد ضحايا العبودية الحديثة بحوالي 130,000 شخص. وأشار التقرير إلى أن بريطانيا لم تعد رائدة في مجال مكافحة العبودية الحديثة، وحث الحكومة على تعديل قوانين الهجرة.
دعوات لتغيير السياسات: هل من أمل؟
رغم الانتقادات الواسعة، لا تزال الحكومة البريطانية، التي يقودها حزب العمال منذ يوليو الماضي،تحتفظ بسياسات الهجرة المشددة التي تم تبنيها في عهد الحكومة السابقة، بينما يطالب العديد من الناشطين والخبراء بإعادة تقييم هذه السياسات.
وأشارت بيانات منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة إلى أن المتقدمين الأجانب يتعرضون لمعاملة أكثر قسوة مقارنة بالبريطانيين في عملية تقييم طلباتهم.
من جانبها، أكدت إليانور ليونز، المفوضة المستقلة لمكافحة العبودية في بريطانيا، أكدت أن نظام تحديد وحماية الضحايا (NRM) بحاجة إلى مزيد من التعديلات لضمان عدم إساءة استخدامه من قبل المجرمين.
وذكرت أن سياسات حكومية سابقة مثل ترحيل المهاجرين إلى رواندا قد تثير مخاوف كبيرة لدى الضحايا وتمنعهم من الإبلاغ عن استغلالهم.
في خضم التحديات الحالية، تظل قضية العبودية الحديثة واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في بريطانيا. فبينما تسعى الحكومة إلى السيطرة على تدفق الهجرة غير الشرعية، فإن هذه السياسات تهدد بتفاقم معاناة ضحايا العبودية الحديثة الذين يجدون أنفسهم عالقين بين مطرقة الاستغلال وسندان الخوف من الترحيل.
لا يوجد تعليقات